روايه بدر
انت في الصفحة 1 من 12 صفحات
الفصل الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يصبح القلب جافيا قاسېا فقد يصيب بعتمة حالكة كالصحراء القاحلة لازرع فيها ولا ماء حتى ټنزف الروح بلا دماء مما تجعل الجسد مېتا وهو على قيد الحياة
بأحدى الغرف بمنزل أقل ما يقال عليه قصر من القصور القديمة ورغم مظهره الخارجي الذي يصفه بأنه اثري إلا أنه يتميز بالداخل بأساسه الفاخر العصري ومظاهر الترف والرفاهية الطاغية المتمثلة فيه بالأثاث الفاخر والغرف الكثيرة على أحدث طراز
بإحدى غرفه والتي تعد بأعلى طوابقه استيقظ ذاك الشاب الذي يتسم بعنفوان شبابه شابا بأواخر عقده الثالث يمتلك كل شيئا من مال وحسن المظهر والسمعة الطيبة ورغم هدوئهإلا أنه أحيانا يتسم بالعنفوان والقوة خرج من ملحقه الرياضي الذي يجاور غرفته وهو يتحدث بهاتفه
توقف فجأة عن حديثه ثم استرسل قائلا
لا استنى لازم اعدي على جدي في المستشفى الأول
على الجانب الآخر أجابه كريم الذي يجلس يتناول فطاره مع اسرته
تمام يا بص ساعتين اخلص محاضرتي واسبقك على المعرض مش هتروح المعرض
أجابه ..لا النهاردة مش فاضي
نهض متحركا إلى غرفته وأكمل بإبانة
بدر عرفت مين ۏلع في الدار..ابتسم بدر بسخرية ثم أجابه
هيكون مين غيره استنى بس بعد عملية جدو وافضاله ابن المؤذية
تمام ياكبير هلبس وانزل على الجامعة ونتقابل هناك
بعد فترة انتهى بطل قصتنا من مكالمته الهاتفية
بدر القاضي يبلغ من العمر ستة وثلاثون عاما..يعمل كاتبا حاليا ومحاميا سابقافهو ابن هاني القاضي أحد كبار المحامين المعروفين بمجاله ولكنه ترك هذه المهنة لعدة أسباب سنعرفها من خلال الأحداث يمتلك دار للطباعة والنشر بدأ يؤلف كتبا عن القانون ويكتب مقالات سياسية وأدبيةويمتلك معرض للسيارات ..ولديه اخت واحدة
هبط للأسفل وجد والدته بإنتظاره تلك السيدة الأرستقراطية ذات الطبقة المخملية ورغم أن ابنها يتميز بالنضج الفكري ويعتمد بالبساطة في حياته إلا أنها تخالفه بمعتقداته وسوء تصرفه..ولج الى غرفة الطعام ملقيا تحية الصباح
صباح النور..جلس على رأس طاولة الطعام ثم تسائل
هنا هتخلصي كليتك امتى!
رفعت هنا بصرها إليه واجابته
على تلاتة إن شاء الله ياآبيه
هز رأسه وتناول فطوره بهدوء..رمقته والدته متسائلة
هتعمل الحفلة إمتى!!
ذهل من حديثها فأردف معاتبا
عايزة اعمل حفلة وجدو هيعمل عملية بعد أسبوع وبعدين حفلة ليه!!
تأففت بضيق ثم اردفت
بدر لازم تعمل الحفلة وتعلن رجعوك للميس
امسك فنجان قهوته وبدأ يرتشف منه بتمهل وكأنه لم يستمع إلى حديثها الممل كعادتها رفعت صوتها بجفاء ساخر
دا احترامك لمامتك!!
انكمسشت ملامحه عندما ألقت من شدقها تلك الجملة
لميس مستحيل ارجعها تاني احنا انتهينا وخلاص وياريت تريحي نفسك قالها وهو يلقي محرمته ثم نهض ينظر الى أخته
السواق هيوصلك ويجيبك ياهنا
خرج متأففا من أفعال والدته وتحكماتها التي زادت عن حدها ارتدى نظارته الطبية واستقل سيارته متجها إلى المشفى
بمكان آخر بإحدى المناطق الراقية وخاصة بتلك الشقة العصريةاستيقظت من نومها ثم اتجهت إلى مرحاضها وأدت فريضتها تلك الندية التي تشبه قطرة الندى تحركت للخارج هاتفة بحبور
صباح الورد ياست الكل
ربتت والدتها على كفيها
صباح الورد يادكتورة انحنت تطبع قبلة على جبينها ثم استدارت تبحث عن أخيها
مروان مصحيش!تسائلت بها رهف
رهف المحلاوي
اسم على مسمى فهي مثل نسمة ربيع تدلف على المكان تعطيه الحيوية ورغم هدوئها ولكنها قوية كجذع شجرة عالمها صغير متمثل بوالدتها وصديقتها المقربة نسمة
تعمل بمجالها الطبي طبيبة مخ وأعصاب تبلغ من العمر ثلاثون عاما فتاة جميلة تمتلك من الجمال مايميزها عن غيرها تجمع بين الجمال المصري العربي والغربي حيث تملك من العيون الواسعة التي بلون مياه البحر وشعرها الفحمي ناهيك عن قدها الأنثوي الذي يتميز بالرشاقة
جلست على مائدة الطعام تتلفت حولها متسائلة
فين مروان ياماما..!
اجابتها والدتها التي تنظر للعاملة بصمت للحظات
راح النادي فريد اتصل بيه
نظرت بساعة يديها وأردفت
نادي دلوقتي ياماما لسة بدري مش عايز يتعدل في دراسته بقى المفروض يكون اتخرج من سنتين
تنهدت بعمق في محاولة لاستجماع رباطة جأشها فهتفت
هقول ايه بس يارهف دلع باباكي هو ال عمل فيه كدا
شعرت بحزن والدتها الذي ظهر بنبرتها
أكيد هيجي وقت ويتعدل يامامابلاش تزعلي نفسك
أنهت طعامها ثم اتجهت إلى غرفتها قائلة
انا عندي مستشفى النهاردة إن شاء الله هتأخر عشان هروح مع
نسمة عيادة إسكندرية نخلص التشطيب خلاص باقي اسبوع ونفتتحها
ربنا يوفقك حبيبتي يارب..دعت بها كوثر..اتجهت إليها تطلق لها قبلة عبر الهواء
حبيبة قلبي أنت ياكوثر
قهقهت كوثر وأردفت
بكاشة يارهوفة..اجابتها رهف من الداخل
والله بحبك ياكوثر اه حياة النعمة
ابتسمت والدتها بحبور وأردفت داعية الله
ربنا يرزقك بابن الحلال ال يقدر قيمتك حبيبتي وصل والدها ثم جلس
ياترى بتدعي على مين ياكوثر هانم..ابتعدت بنظرها عنه ثم أجابته بفتور
بدعي لبنتي يا مالك ولا دي مينفعش كمان..قالتها ثم تحركت إلى الداخل
زفر بضيق من معاملتها وڠضبها منذ ماحدث لفظ الهواء المكبوت بداخله
وصلت العاملة التي تدعى كامليا
القهوة ياباشا..اتجه الى زوجته وتحدث
انا مش هرجع هنا الأسبوع دا
تنهدت مټألمة ثم اتجهت إلى العاملة
هاتي قهوتي في التراث
ثم اتجهت بنظرها إلى زوجها
براحتك يامالك
خرجت كوثر تنظر إلى النيل ولاحت ابتسامة حزينة على وجهها عندما تذكرت حياتها قديما مع زوجها منذ خمسة وعشرون عاما
Flash
خرجت من عملها وقامت الأتصال ب صديقتها الوحيدة
شهيرة انا خلصت شغل وهروح عشان مروان مش مبطل عياط وبعد ماتخلصي عدي عليا
على الجانب الآخر أجابتها شهيرة
تمام ياكوثر قدامي شوية هراجع عليهم واكلمك
وصلت كوثر إلى منزلها بعد يوم عمل طويل
مروان عامل ايه يا فايزة
اجابتها العاملة
أكلته ياهانم وماسكتش غير لما الأستاذ مالك جه وأخده مني
تحركت متجهة للداخل وجدته يغفو بجوار ابنهما حملت الطفل واتجهت به لغرفته مع أخته وجدت ابنتها تغفو بسلام وضعت طفلها وانحنت تطبع قبلة على جبينها رجعت بعد قليل إلى زوجها
مالك حبيبي ايه ال رجعك بدري من الشغل ...فتح عيناه بإرهاق ثم تحدث
مكنش فيه شغل كتير اعتدل على فراشه وهو ينظر بشرود جلست بجواره تربت على كتفه
مالك ياحبيبي حاسة إنك مضايق ومهموم
سحب كفيها وأجلسها بجواره
كوثر عندي قضية كبيرة والقضية دي لو كسبتها هتنقلني نقلة كبيرة
ضيقت مابين حاجبيها متسائلة
ودا ال مزعلك ومخليك حزين كدا
تراجع بجسده للخلف وهو. يطالعها بصمت حاذر
القضية دي لرجل أعمال
اومأت تنظر بعينها تنتظر حديثه
آه وبعدين فين المشكلة
نهض واتجه يشعل سېجاره وبدأ ينفثه بتمهل قائلا
قضية رجل أعمال اسمه صفاء الزيني تحركت إلى أن توقفت أمامه محاولة استيعاب حديثه
قصدك صفاء الزيني صاحب شركات الاستيراد والتصدير الراجل دا بتاع اللحوم الفاسدة
استدار يومأ برأسه قائلا
الناس بتقول ياكوثر بس احنا بنسمع ومش متأكدين
رفرفرت بأهدابها مصډومة بحديث زوجها
بجد يامالك انت مصدق كلامك دي مصانعه كلها اتشمعت بالشمع الأحمر
اتجه إليها وجلس بجوارها
إنت عارفة لو كسبت القضية دي هاخد كام..نهضت منتصبة بوقفتها وربعت ذراعها
لو مېت مليون يامالك الراجل دا سمعته وحشة وشغله مشپوه غير عدواته مع صديق عمرك هاني القاضي انت ناسي بلاويه مع هاني
كاد أن يتحدث أشارت بسبباتها
ولادي مش هدخل عليهم قرش حرام سمعتني يامالك احنا مش هنعيش على مۏت الناس الراجل دا لازم يتحاسب ومتنساش هاني يامالك
كتم غيظه من اتهاماتها محاولا السيطرة على أعصابه فأردف
لو زي ما بتقولي كدا كان زمان
الحكومة قفلت مصانعه وسجنوه..
زوت مابين حاجبيها قائلة بإستنكار
اومال هو فين دلوقتي مش مسجون..سحبت نفسا قويا وتحدثت بهدوء
أنا عارفة انا بتكلم من غير دلائل بس اقنعني يامالك ماهو مفيش دخان من غير ڼار والراجل دا من زمان وأعماله كلها مشپوهة لو سمحت يامالك احنا مش محتاجين نكون في موقف شبهة ولا ندخل على ولادنا فلوس بدم الناس وبعدين هتوقف قدام صاحب عمرك ناسي هاني بيحاربه
ظل صامتا وكأنه يفكر بحديثها فتحدث بعد لحظات من الصمت قائلا
خلاص ياكوثر هبعد عن القضية حاضر وهكلم عز
ذات مساء بإحدى الشقق
كان يتمدد على الأريكة يغفو فوق ساقيها
وبعدين يامالك!
يعني هترفض القضية زي ماكوثر عايزة
سحب نفسا قويا وزفره ببطء معتدلا
معرفش شهيرة متردد ممكن كوثر بتقول الحق
استقطبت ملامحها وسألته بجدية
ايه ال بتقوله !!..لا طبعا انا مش موافقة على كلامك دا ماكل مرة الراجل يتحبس ويخرج تاني
تنهد بصوت عالي ثم رفع عيناه يحاورها
تفتكري يكون اشاعات فعلا..دنت منه تلمس على وجنتيه مرة وعلى خصلاته مرة ثم أردفت
دي فرصة عشان اسمك يكبر حبيبي سيبك من كلام كوثر انت تايه عنها طول عمرها بتاعة شعارات
حك ذقنه ونظر إليها بشرود
طيب هاني هاني لو عرف هيزعل وممكن نقاطع بعض
ربتت على كفيه قائلة
فكر في نفسك وبس وازاي تكسب القضية محدش بينفع حد حاليا
تفتكري ممكن اكسب القضية دي
نهضت وهي تناوله
الفواكه
طبعا هتكسبها هو انت شوية ولا إيه
جذبها بقوة يحاوطها ناظرا إليها بمكر
أكيد هكسبها ياحبي طول ماانت بتساعديني..نهض وسحب كفيها
تعالي عشان أقولك ازاي هنكسب القضية
تعاقبت الأيام والشهور إلى أن جاء اليوم الذي قلبت حياة كوثر رأسا على عقب
ذات مساء..كانت تجلس تلاعب أطفالها رهف الذي تبلغ من العمر عشر سنوات ومروان سنتين استمعت إلى رنين جرس الباب ولجت إليها العاملة
فيه واحد برة بيسأل عن الأستاذ ياهانم
قطبت مابين جبينها متسائلة
مين دا !
اسمه هاني القاضي..نهضت وهي تشير إلى إسدالها
طب هاتي الٱسدال وروحي شوفي يشرب إيه
خرجت بعد دقائق معدودة
اهلا استاذ هاني..ڼصب عوده
أهلا مدام كوثر بحاول أتصل بيه مبيردش
فيه حاجة ولا إيه!تسائلت بها كوثر
يعني هو مش موجود البنت السكرتيرة قالت إنه في البيت بيحتفل مع مراته عشان القضية
قضية!!..تسائلت بها كوثر..امسك هاتفه وحاول الأتصال به
أيوة يافندم..وصليني ضروري بالأستاذ مالك يابنتي محتاجه ضروري
أجابته السكرتيرة التي تجلس مع خطيبها
حضرتك هو في بيته التاني شقة مدام شهيرة
جحظت أعين كوثر وتسائلت بلسان ثقيل
هي قصدها مين..حمحم هاني عندما وجد شحوب كوثر
أنا بسأل عن مالك المحلاوي!!
يااستاذ هاني الأستاذ مالك في بيته التاني ال حضرتك عارفه هو قالي لو حاجة ضرورية اعرفك
شهقت واضعة كفيها فوق فمها متراجعة للخلف بحدقتين متسعتين تشعر وكأن أحدهم بآله حادة بصميم قلبها
مالك متجوز صحبتي!!أغلق هاني هاتفه وتوقف بصمت للحظات ولكن نظراتها المتوسلة له تريد تكذيب ما استمعت إليه
أنا مكنتش اعرف ياكوثر انا كنت جاي اعاتبه
تعاتبه!!..تعاتبه على
ايه ياعز!
لحظات من الصمت المقتول ثم رفع نظره قائلا
عايز اعرف ليه خان العيش والملح ال بينا وازاي اتغير واتحول لشخص انا معرفوش
تنهيدات مټألمة تخرج من بين شفتيها غير مستوعبة مايدور حولها فتسائلت بلسان ثقيل
ليه هو عمل ايه!
بعت ناس وسرقوا ورق القضية عشان يكسب قضية صفاء الزيني جوزك خان العيش والملح ياكوثر وانا مش هسامحه
قالها وتحرك للخارج نهضت تنادي على العاملة
خلي بالك من الولاد نص ساعة وراجعة
قامت بتغير ثيابها بحالة رثةفكان يرتعش تكذب كل مايؤل إليه عقلها
صديقتها وزوجها لا ..لا
استقلت سيارتها متجهة سريعا إلى شقة صديقتها
عند شهيرة ومالك
كانت تعد حفلة خاصة بمناسبة كسبه تلك القضية التي شجعته عليها وصلت كوثر وبأنامل مرتعشة ضغطت